راوية…موهوبة الشاشة التي سكنها حب الفن

يقول روبرت دي نيرو، إن فن التمثيل هو “ذلك العالم الذي يتيح لك أن تحيا حياة الآخرين”، مثال ينطبق على “راوية”، فنانة رحلتها في هذه الحياة بمثابة سفر أبدي، فهي لا تعيش حياة واحدة فقط بل في كل مرة يخطفها وميض ينقلها إلى عالم مواز، عالم تعيش فيه تفاصيل حياة شخصية أخرى فتتلون بألوانها وتنغمس فيها بقوة ضاربة في العمق، ومع كثرة سفرها المعنوي وعلو كعبها تملكت ناصية الفن وحجزت لنفسها حيزا في سماء نجوم الشاشة المغربية.

هي امرأة يسكنها حب الفن ومنه تستمد قوتها، بملامح جدية لكنها تخفي في داخلها روح طفلة مفعمة بالحياة، طفلة تحب أن تبدع بلمستها الخاصة في ما تحب، ولا تتكلم كثيرا لكن شفاهها تنطق فقط بحكمة تجود به عصارة تجاربها، لا ترضى إلا بالأفضل حتى لو كان عابرا بظهور خافت.

ولم تكن مشيئة القدر أن يضع في طريقها اسم “راوية” لسبب عشوائي، ربما لإرادة خفية من قوة إلهية، فراوية اسم لوحده يروي تقاسيم حياتها وحياة كل من حملها الوميض إليهم، أو كما يحلو لها أن تقول “ما تجود به الأقلام، وما يجود به كتاب السيناريوهات”.

هي ممثلة مغربية ازدادت في سنة 1951 بمدينة أزمور، درست بثانوية شوقي في مدينة الدار البيضاء، تنتمي إلى الجيل الأول لرواد المسرح، خاضت أول تجربة لها على المسرح تحت إشراف الفنان الراحل مصطفى التومي، بعدها انتقلت إلى مدينة الرباط حيث انضمت إلى فرقة “المنصور” للمسرح، والتي نالت عنها جائزة أحسن ممثلة في المهرجان الوطني لمسرح الهواة في مسرحية “الفاشلون”.
تتلمذت على يد عمالقة الفن المسرحي والتمثيل والإخراج، من قبيل الطيب الصديقي، وأحمد الطيب العلج، وفريد بنمبارك، وعبد الصمد الكنفاوي وغيرهم، وقدمت مجموعة من الأعمال الفنية مثل كنوز، ومنديل صفية، والعيون الجافة، وكازانيكرا، وألو كندا، بالإضافة إلى حياة بريئة ورضاة الوالدة وهي.

وتألقت كذلك في شهر رمضان من خلال مشاركتها في مجموعة من من الأعمال الفنية، ويتعلق الأمر بسلسلة “كاينة ظروف”، التي تروي قصص ثلاث نساء قضين عقوبتهن السجنية فيحاولن الإندماج في مجتمع ينبذهن، والتي نالت من خلالها إعجاب الجمهور المغربي في دور “فوزية”، بالإضافة إلى سلسلة “كنيناتي”، التي تدور أحداثها حول ثلاث كنائن يعشن مع أب أزواجهن وتحدث بينهن صراعات في قالب كوميدي، إلى أن فاجأهن بزواجه مرة أخرى لتتوالى سلسلة من الأحداث داخل البيت.

وبهذا استطاعت “راوية” التي تبقى نموذج للمرأة الحديدية التي سارت بخطوات ثابثة في درب أحلامها متسلحة بإيمانها القوي وطموحها الجامح وعملها الدؤوب، أن تكتب فصلا خاصا بها في مجلد الفن المغربي وتؤرخ اسمها بين نجوم الشاشة المغربية.