أسماء بوجيبار…امرأة طرقت باب مسابقة فتحت لها مصراعي وكالة “الناسا”

أزهرت في أرض المغرب، لكن أريجها فاح في بلد “العم سام”، سارت على درب أحلامها وهي محملة ببشارة خامدة عن مستقبل غير معلوم، تشبثت بعروة حلم كان في عينيها بعيد المنال، فما كان من القدر إلا أن ساقها إليه، بكفاءتها وإصرارها على بلوغ مرادها، طرقت باب مسابقة منحتها مفاتيح عالم “ناسا”، لتسطر حكايتها إلى جانب حكايات نساء مغربيات أبِيَّاتٍ، كل واحدة منهن أرخت لقصتها في تاريخ المغرب الذي يعبق بقصص نساء ملهمات.

أسماء بوجيبار هي واحدة من النساء اللواتي حققن إنجازات تاريخية، وكان إنجازها الكبير هو انضمامها لأكثر الوكالات تميزا وشهرة وعالمية، ويتعلق الأمر بوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، لتكون بذلك أول امرأة عربية وإفريقية تحقق هذا الإنجاز.

دقت باب مسابقةٍ فتحت لها الباب على مصراعيه لتلتحق بأكثر العقول تفردا، وبفضل كفاءتها العالية اختيرت أسماء من بين مئات المتنافسين، ونتيجة لذلك حصلت على وظيفة في ناسا، مما يجعلها أول امرأة مغربية وعربية تنضم لهذه الوكالة الفضائية البارزة.

وتشكل مدينة الدار البيضاء مسقط رأس أسماء بوجيبار، التي ازدادت في سنة 1984، حيث تنحدر من أصول أمازيغية في الريف المغربي، وتنتمي إلى عائلة مثقفة، والدها هو المهندس المغربي صلاح الدين بوجيبار، ووالدتها هي الفنانة التونسية التشكيلية نبيلة بلغيث، تمتلك أسماء توأمة تدعى سلمى بوجيبار وهي مهندسة في شركة “Europ Assistance”، بالإضافة إلى شقيقها عادل بوجيبار الذي يدرس علوم الكمبيوتر في إحدى جامعات فرنسا المتخصصة.

بدأت أسماء تعليمها الأساسي في الدار البيضاء، قبل أن تتوجه إلى فرنسا لمواصلة دراستها الجامعية، عملت في مختبر بمدينة “كليرمون فيران” حيث قامت بالبحث في ظاهرة البراكين، وحصلت على درجة الماجستير من الجامعة نفسها.

قدمت أطروحة الدكتوراه في مجال تكوين الكواكب وتمايزها في موضوع “التوازن الكيميائي بين الغلاف والنواة في سياق تشكل عينة من الكواكب”. وهو التخصص الذي ساعدها على الانضمام إلى وكالة ناسا، وتشكل تجربة العمل مع الوكالة إضافة قيمة لسيرتها الذاتية المليئة بالشهادات العلمية والخبرات الميدانية.

استطاعت أسماء بوجيبار أن تظفر بالدكتوراه في مجال تكوين الكواكب وتمايزها، وحصلت على وظيفة في وكالة الفضاء “ناسا” في سن السابعة والعشرين. وبعد أن فازت بالمسابقة حصلت أسماء على فرصة الانضمام إلى فريق مركز لانجلي بيرج جونسون التابع لناسا في هيوستن، تكساس، بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتم تكريم أسماء بوجيبار بوسام المكافئة الوطنية بدرجة فارس من قبل الملك محمد السادس، وذلك بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لعيد العرش. تعتبر هذه الجائزة تكريمًا لإسهاماتها في علم الفضاء والبراكين، وتعكس أهمية إنجازها الفريد في هذا المجال.

وبهذا تبقى قصة نجاح أسماء بوجيبار قصة حبلى بتفاصيل التفاني، العمل والإرادة، تسلقت قمم المعرفة بإصرار وكسرت حواجز الجهل والتقاليد الفانية، تسلحت بطموحها وحبها فتبعت حدسها الذي سلك بها دربا أدخلها عائلة “ناسا” الكبيرة، فألهمت بذلك نساء حالمات، وتركت فيهن بصمة لا تنسى ماتزال خطوطها تشد أجيالا يراودها حلم الاشتغال بالوكالة.