حنان رحاب في منتدى البرلمانيين الشباب الاشتراكيين: لا تنمية مستدامة دون مساواة شاملة وتمكين النساء

انطلقت أشغال اليوم الثالث من المنتدى الدولي للبرلمانيين الشباب من الاحزاب الاشتراكية والاشتراكية الديمقراطية، الأربعاء 31 ماي، بورشة حول موضوعسياسات عمومية أكثر إدماجا: المساواة بين الجنسين من أجل التنمية الشاملة“.

وشارك في أشغال هذه الورشة في إطار هذا المنتدى الذي ينظمه الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية والشبيبة الاتحادية ومنظمة مينا لاتينا، بمراكش، برلمانيين وبرلمانيات و أستاذات وخبيرات في مجال الترافع عن قضايا النساء وحقوقهن.

وفي بداية مداخلتها، ذكرت حنان رحاب الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، بأن المنظمة هي منظمة نسائية تجمع نساء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي المنظمة التي تخوض منذ مؤتمرها الأخير في أكتوبر 2022 معركة الترافع والتعبئة من أجل تعديل مدونة الأسرة المغربية في أفق المناصفة والمساواة، وهذه السيرورة الترافعية والنضالية جعلت المنظمة في طليعة النضال النسائي من أجل الحقوق والحريات والإنصاف. ودعت إلى الاطلاع على هذه التجربة الرائدة في هذه المرحلة المفصلية وطنيا وإقليميا وعالميا.

و أكدت رحاب، “أننا كجزء من الأممية الاشتراكية، ومن تيار الاشتراكيات الديموقراطيات، لا نجد أي حرج في الانطلاق من قرارات الأمم المتحدة الساعية إلى تكريس المساواة والإنصاف، ولذلك فقد اعتمدنا في مرجعياتنا وثيقة: أهداف التنمية المستدامة، والمعروفة ب ” تغيير عالمنا” والصادرة عن الأمم المتحدة في 25 شتنبر 2015، والتي تم إدراجها في خطة التنمية المستدامة 2030 في فاتح يناير 2016، وهي الخطة التي جعلت المساواة هدفا خامسا ضمن رزنامة 17 هدفا.”

وفي هذا السياق، أبرزت حنان رحاب، أن المساواة بين الجنسين لا تعتبر حقا من حقوق الإنسان فقط، يجب النضال من أجل تحقيقه، بل تعتبر المساواة القاعدة الأساس لعالم متقدم يوفر الرفاهية والعيش الكريم لكل مكوناته، فلا تقدم بدون مساواة، حتى ولو تحقق ازدهار اقتصادي، فسيكون خادعا، مادام أن جزء كبيرا من المجتمع ممثلا في النساء سيكون محروما من عائداته.

وتابعت رحاب في مداخلتها، “إذا عدنا إلى تقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإننا نجد أن الدول التي تصنف في أعلى الهرم، هي تلك التي حققت وراكمت حصيلة متقدمة على مستوى المساواة بين الجنسين، وتحديدا الدول الاسكندنافية”.

و اعتبرت حنان رحاب بحضور البرلمانيين الشباب الاشتراكيين، أنه لا يمكن انكار أن أوضاع النساء في العالم قد تطورت نسبيا على مستوى التعليم والشغل والصحة وخصوصا الصحة الإنجابية، لكن هذه المكتسبات تعرف تفاوتات رهيبة بين دول الشمال ودول الجنوب، إذ في الوقت الذي تخوض فيه النساء في أوروبا وأمريكا الشمالية معارك من أجل تحسين تمثيليتهن السياسية، أو من أجل تجويد النصوص المتعلقة بقوانين الشغل، أو مناهضة التنميطات المتعلقة بصورة المرأة في وسائل الإعلام والإشهار، فإن نساء عديدات في دول إفريقية وآسيوية لازلن يعشن أوضاعا مأسوية من قبيل الزواج المبكر، وعدم تثمين مجموعة من الأشغال الشاقة من قبيل الاحتطاب والزراعة في ظروف خطيرة، هذا فضلا على أن الصراعات المسلحة والحروب الأهلية تكون لها انعكاسات سلبية أكبر على النساء والأطفال، وتؤدي حتى إلى تراجع النزر القليل من المكتسبات المرتبطة بالدراسة والصحة. تضيف حنان رحاب.

وشددت حنان رحاب عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، على أن الفقر وغياب العدالة الاجتماعية يوفر بيئة خطيرة لإنتاج أوضاع غير مقبولة في القرن الواحد والعشرين من قبيل الاتجار في البشر، والعمالة الجنسية المنظمة من قبل مافيات الجريمة العابرة للقارات، وأشكال العبودية الجديدة، ولقد أبرزت جائحة كوفيد أن النساء يبقين في مقدمة ضحايا كل أشكال الكوارث، سواء الطبيعية أو الوبائية، أو تلك الناتجة عن النزاعات المسلحة، والتهجير القسري، وحتى تدمير البيئة.

وسجلت المتحدثة بالمقابل، على أن هذه الصورة الكارثية لا يجب أن تكون فرصة لأنواع من التضامن المتجاوز، الذي لا يعدو بيانات الشجب والاستنكار، أو تقديم معونات عابرة، أو التعبير عن الأسف، بل يجب أن يتم تطوير أشكال التضامن الأممي، لتكون أكثر فاعلية، ولنتذكر أن جدار الفصل العنصري في بريتوريا، ما كان ممكنا سقوطه بغير التضامن الأممي. مضيفة أن “ بلدان وحكومات الشمال مسؤولة بشكل أو بآخر عن استدامة الفقر والتسلط والتخلف في دول الجنوب، ليس فقط بسبب إرثها الاستعماري الكولونيالي، بل كذلك لأن العديد منها فضلت دعم حكومات غير ديموقراطية ودموية حفاظا على مصالحها الاقتصادية، بل إن بعضها ساهم في حصار وعرقلة عمل دول تسعى للتحرر من الهيمنة، وبناء نماذجها الخاصة في التنمية، وسعيها إلى عالم متعدد ومتضامن.”

واعتبرت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات، أن النخب والمناضلات والمناضلين وعموم الاشتراكيين والاشتراكيين الديموقراطيين، عليهم مسؤولية دعم النضالات النسائية من أجل التحرر والمساواة والإنصاف، وعليهم الانتباه إلى سلسلة التقاطعات التي يجب استحضارها أثناء دعم الديناميات النسائية، ذلك أن اضطهاد النساء في بعض الجغرافيات يتقاطع مع أشكال أخرى من الاضطهاد بسبب اللون أو الطبقة الاجتماعية أو الاختيارات الجنسية أو الانتماء الديني أو الإثني أو العرقي.

ولفتت إلى أنه لا يجب أن يفهم أن هذه التقاطعات هي محصورة في جغرافيات إفريقية أو آسيوية أو شرق أوسطية فقط، بل إن هذا التقاطعات موجودة حتى في الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية، وخصوصا في أوساط المهاجرين والمغتربين والأقليات.

وأضافت رحاب قائلة: وباعتباري أمثل منظمة النساء الاتحاديات، التي هي جزء من نسيج المنظمات النسائية المغربية التي تعمل منذ استقلال المغرب على تطوير مكانة النساء في كل المجالات، فلا يسعني من موقع المسؤولية إلا تسجيل التقدم المطرد على مستوى الحقوق والحريات التي لها علاقة بجدلية المساواة والتنمية، وهنا يجب الإشارة إلى الدعم الذي وجدته المناضلات والمناضلون من أجل المساواة من طرف أعلى سلطة في البلاد، ممثلة في جلالة الملك، الذي وظف اختصاصاته الدستورية ورمزيته الروحية لدعم الديناميات النسائية الحداثية والديموقراطية، ولا نبالغ إذا قلنا إنه يقود ثورة هادئة في محيطنا الإقليمي سواء الشرق الأوسطي أو الشمال الإفريقي من أجل دفع الديناميات المجتمعية نحو الانعتاق من إرث تاريخي كان ينطلق من تراتبيات تؤبد هيمنة ذكورية على الأنساق المجتمعية.”

وذكرت بأن “الاستعمار للأسف رغم كل ادعاءاته بأنه كان يحمل رسالة التحديث، فإنه على العكس من ذلك، كان يدعم كل أنساق التقليد والمحافظة لأنها كانت تخدم مصالحه، ويمكن العودة إلى أعداد النساء اللواتي استفدن من تعليم عصري أثناء فترة الاستعمار، وأعدادهن في السنوات الأولى للاستقلال، ليتبين أن بناء مجتمع الحداثة والتقدم لم ينطلق إلا مع انتهاء البنيات الاستعمارية”.

وأشارت حنان رحاب، بأن مناسبة هذا التذكير، هو تصحيح بعض التنميطات الاستشراقية التي تتوهم أن هناك مركزية غربية للتقدم والتحديث، وهنا “دعونا نتأمل هذه المفارقة، ففي الوقت الذي كان الاستعمار الفرنسي مثلا يتحالف مع بنيات مغرقة في التقليد من قواد وفقهاء متشددين، كان الملك محمد الخامس يتحالف مع الحركة الوطنية ذات الأفق التحديثي ويدعو إلى تدريس النساء ومنحهن حقوقهن المدنية والسياسية والثقافية، ولذلك فإننا نعتبر الملكية المغربية ليس فقط حليفا موضوعيا في معركة إقرار المساواة الشاملة، بل نعتبرها قائدة لهذا المشروع. تضيف حنان رحاب.

وخلصت رحاب في مداخلتها خلال هذه الورشة، أنه لا توجد تنمية دون مساواة شاملة، وكل ازدهار اقتصادي دون ذلك، هو شكل من أشكال التنمية المزيفة التي لا تضمن الاستدامة، و أن اشكال اضطهاد النساء التي تعوق المساواة متعددة، ومنطبعة بخصوصيات محلية، ولذك فإن تضامن نساء العالم وكل الديموقراطيات والديموقراطيين هو ضروري، ولكن دون وصاية أو ارتكان إلى توهم تفوق.

وأكدت على أن الطريق نحو التحرر والمساواة والتنمية المستدامة له مداخل متعددة، وأن الخصوصيات المحلية يمكن أن تكون رافدا مهما في مسيرة المساواة إذا تم استثمارها بتأويل حداثي، وكانت وراءها إرادة سياسية داعمة.

وختمت رحاب، بالقول: معا وسويا من أجل عالم خال من كل أشكال الاضطهاد والحروب وتسليع القيم وتدمير الأرض والبيئة، عالم المساواة والتحرر والعدالة الاجتماعية والرفاهية والتضامن.