اختتام مناظرة دولية احتضنها المغرب بالدعوة لمراجعة منظومة مدونة الأسرة وتسهيل المساطر بالنسبة لمغاربة العالم
أحمد بيضي
أوصى المشاركون والمشاركات في المناظرة الدولية “نساء من هنا وهناك، من أجل مدونة أسرة ضامنة للمساواة وعدم التمييز”، والمنظمة بالعاصمة الرباط من طرف “فدرالية رابطة حقوق النساء”، بالدعوة إلى “مراجعة شاملة وعميقة لمدونة الأسرة مع اعتماد صياغة قانونية واضحة تحترم كرامة النساء وتناهض جميع أشكل التمييز بسب الجنس أو العقيدة واحترام حقوق الأطفال”، وب “مراجعة منظومة المواريث مع اعتماد قواعد العدل والمساواة وعدم التمييز بسبب الجنس أو العقيدة وضمان حقوق الأطفال”، وفق بيان جرى تعميمه.
كما شدد المشاركون والمشاركات على ضرورة “مراجعة شاملة للمنظومة التشريعية المرتبطة بمدونة الأسرة”، و”العمل على ترجمة مدونة الأسرة إلى مختلف اللغات”، مع “اعتماد الاجتهاد الفقهي الواقعي والحي والمبني على المساواة”، و”التوجه نحو فعلية الحقوق والواجبات، والمواطنة واعتمادها في خلفية التشريع وفي القوانين والسياسات العمومية ذات الصلة بمدونة الأسرة”، والدعوة ل “تسهيل عملية الإقرار القانوني بالعقود والمساطر التي يقوم بها مغاربة العالم بناء على قوانين دول الإقامة”، وفق ذات البيان.
وتضمنت التوصيات الدعوة ل “تسهيل المساطر بالنسبة لمغاربة العالم عامة وتحديدا عبر تعزيز رقمنة الإجراءات الإدارية والقنصلية والقضائية”، والعمل على “تحقيق المساواة في الحقوق والفرص وفي الولوج الى العدالة لجميع الأشخاص داخل التراب الوطني بغض النظر عن كونهم مهاجرين أو لاجئين أو مواطنين باعتبار ذلك مسؤولية المغرب كونه أصبح بلاد إقامة”، مقابل “تبسيط وتسريع مساطر الحصول على الوثائق الإدارية من أجل ضمان حقوق النساء وحقوق الأطفال في الحصول على الهوية بغض النظر عن وضعية العائلية للأم (أم عازبة، مهاجرة، لاجئة…)”.
وفي ذات السياق، ألح المشاركون في المناظرة على مطالبة المغرب ب “تعزيز أدواره داخل الآليات الدولية والجهوية والإقليمية ذات الصلة بحقوق الإنسان، منها جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي، والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، بما يساهم في حماية الأطفال والنساء ومعالجة المشاكل المطروحة على مستوى القوانين الأسرية والمساطر المرتبطة بها وضمان انسجامها”، مع “تكثيف التواجد والعمل القنصلي والموارد في الدول الأجنبية خصوصا الأوربية وتلك التي تستوجب ذلك لمعالجة قضايا مدونة الأسرة ومساطرها، ووضع حد للتحايل على القوانين وانتهاكها”.
وارتباطا بالموضوع، لم يفت المشاركات والمشاركين ل “التعريف بانخراط المغرب في اتفاقية لاهاي الخاصة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للطفل واعتماد اتفاقيات ثنائية بقانون الأسرة مع الدول (اختطاف الأطفال، الحرمان من الوثائق الشخصية، الزواج، الطلاق، الزوجات والنساء العالقات…)”، و”المصادقة على اتفاقية اسطنبول بشأن العنف ضد النساء”، مع “إتمام إجراءات المصادقة على قانون الدفع بعدم دستورية القوانين”، مقابل تشكيل وتفعيل المؤسسات الدستورية (هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة)”.
وجاءت التوصيات على هامش أشغال المناظرة دولية التي احتضنتها “فدرالية رابطة حقوق النساء”، بالرباط، في الفترة من 22 إلى 24 يونيو 2023، وسجلت “حضور مؤسسات وقطاعات وفاعلين حكوميين وغير حكوميين، ومنظمات نسائية وحقوقية وجمعيات نشيطة في مجال حقوق النساء والهجرة والأطفال من عدة دول منها المغرب وبعض الدول الأوروبية (فرنسا، بلجيكا، الدنمارك، اسبانياوالسنغال)، إلى جانب خبراء وخبيرات من ذوي الاختصاص في مجالات متعددة”، حسب مستهل البيان.
وقد “ركزت المناظرة على القضايا القانونية والمسطرية وغيرها ذات الصلة بالزواج والطلاق والولاية والنسب والحضانة وتقسيم الممتلكات والنفقة والإرث…وما تطرحه من تعقيدات كبيرة أمام النساء والأطفال تحديدا والأسر بشكل عام، واعتبرت أن الرهان الأساسي هو المضي في تحقيق العدالة والمساواة في الحقوق وفي الفرص للنساء بالمغرب وببلدان المهجر”، دون أن يفوت المشاركات والمشاركين في هذه المناظرة الدولية، التعبير عن “ارتياحهم وتقديرهم العميق للجهود المبذولة من قبل فدرالية رابطة حقوق النساء المنظمة لهذه الفعالية الناجحة”.
وبينما أعرب المشاركون عن امتنانهم تجاه “تكريس المقاربة التشاركية مع الجالية المغربية والجمعيات والفعاليات المغربية الشريكة في المهجر”، وجهوا شكرهم ل “الجمعيات والجهات والقطاعات المساهمة في إثراء النقاشات وتبادل الآراء والتجارب حول قضايا مدونة الأسرة وأوضاع النساء والأطفال في المغرب والمهجر”، مع القول بأن المناظرة “شكلت مناسبة هامة للتأكيد على ضرورة المراجعة الشاملة والعميقة لمدونة الأسرة المغربية على قاعدة المساواة في الحقوق والعدل، وعلى ضرورة ملاءمتها مع الدستور المغربي ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة”.
وفي الوقت نفسه، ذكر المشاركون والمشاركات ب “السياق العام لطرح موضوع المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة، الذي دشنه الخطاب الملكي في 30 يوليوز 2022، حيث دعا فيه جلالة الملك إلى ضرورة مراجعة مدونة الأسرة وتجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبان عنها تطبيقها، وإلى تحيين مختلف الآليات المؤسساتية والتشريعات المتعلقة بحقوق النساء وبمشاركتهن الفاعلة، في مختلف المجالات، وهي الانتظارات والمطالب التي ظلت متواصلة من قبل الحركة النسائية ضمنها فيدرالية رابطة حقوق النساء التي ما فتئت تنادي بها منذ سنة 2007”.
وبحسب البيان، توقفت المناظرة الدولية بالتفصيل على “الأسس الدستورية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفقهية والواقعية الداعمة لتغيير مدونة الأسرة”، كما استعرضت ذات المناظرة “التحديات التي تواجه النساء المغربيات في بلدان المهجر، بما في ذلك التمييز القانوني والاجتماعي والعنف، معززة بشهادات حية تبرز حجم معاناة النساء والأطفال والآثار الاجتماعية الوخيمة لها”، وركزت أغلب المداخلات والنقاشات أساسا على مسألة تنازع القوانين بين مدونة الأسرة المغربية وبين قوانين دول الإقامة وفي بعض الأحيان غياب الاتفاقيات الثنائية بين المغرب وبعض الدول”.
وفي إطار أنشطة المناظرة، يضيف بيان المناظرة، التقت المشاركات والمشاركين ب “بعض الفرق البرلمانية لحشد دعم أعضاء وعضوات المؤسسة التشريعية من أجل اعتبار مشاكل النساء المهاجرات ضمن المراجعة المرتقبة لمدونة الأسرة”، كما شكلت المناظرة، على مستوى آخر، مناسبة ل “تقاسم بعض التجارب الفضلى ولا سيما تجربة دولة السنيغال التي اعتمدت قانون أسرة مدني مع فتح باب الاختيار أمام الأشخاص فيما يتعلق بتطبيق القانون المدني أو القانون الإسلامي”، وفق مضمون البيان.
وقد اختتمت أشغال المناظرة الدولية “نساء من هنا وهناك، من أجل مدونة أسرة ضامنة للمساواة وعدم التمييز” بإعلان المشاركات والمشاركين فيها عن “التزامهم المستمر بالعمل من أجل تحقيق المساواة والعدالة للنساء المغربيات داخل المغرب وببلدان الإقامة، وتكثيف الجهود لتعزيز المكتسبات الحقوقية والديمقراطية وضمان الإشعاع لبلدنا على مختلف الأصعدة، في إطار الآلية المشتركة للتنسيق والاشتغال والترافع التي تم إحداثها تحت اسم “ائتلاف نساء من هنا وهناك من