أحمد الخمليشي يدخل على خط نقاش تعديل مدونة الأسرة

في حوار له مع جريدة “الاتحاد الاشتراكي” نشر في عدد يومه الخميس 9 مارس،  أكد الأستاذ أحمد الخمليشي، مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية  أن هناك في مدونة الأسرة أحكام دينية، لكن المبالغة هي التي تؤثر على النقاش الهادئ والمفيد.

وأضاف الأستاذ الخمليشي في الحوار، أن المجتمع لايملك إرادة مصادرة المتوفى، والتصرف في أمواله دون مراعاة رغباته .

وشدد الخمليشي أن انتقاد المادة 400 في مدونة الأسرة،  له نصيب من الصحة باعتبار ان الخلاف الفقهي متنوع وقد يمس بحقوق الافراد

 الحوار أجراه الزميل عبد الحق الريحاني، ونظرا لأهميته نورده كاملا .

 

يشهد المغرب نقاشا حول مراجعة أحكام مدونة الاسرة، كيف تتابع هذا النقاش العمومي؟

 النقاش العمومي دائما إيجابي،  والاختلاف في النقاش والتقديرات شيء طبيعي، وليس بالأمر الغريب، وهذا لايحتاج إلى تعليق،  فالاختلاف ما بين الأفراد طبيعي بحكم اختلاف تصورات الناس لعوارض الحياة، التي يحيونها. لكن ما نراه، أحيانا، أنه قد تكون هناك  مبالغة في هذا  الاختلاف،  فالحياة الاجتماعية  دائما تمسها هذه الاحتكاكات التي تكون بين الأفراد، فلا غرابة فيما نشاهد أو سنشاهد.

مارأيكم في من يعتبر أن مقتضيات المدونة، عبارة عن أحكام دينية قطعية؟

الأمر هنا فيه مبالغة في التعميم، طبعا هناك في مدونة الأسرة أحكام دينية، لكن المبالغة هي التي تؤثر على النقاش الهادئ والمفيد، فتقديرات الناس والأفراد تجد معها كثير في المنطقة الرمادية، من ينسبها إلى الدين والاجتهاد، وليس هناك أحكام أو بعبارة أدق ليس هناك مقتضيات في مدونة الأسرة ذات طبيعة واحدة.

قلتم في محاضرة حديثة مامعناه أنه لا يجادل أحدا في وجود مقتضيات في مدونة الأسرة غير قابلة للمناقشة والتعديل، ماهي في نظركم هذه المقتضيات بالتحديد؟

تفادي تحديدها، لأن هذا التحديد هو في الحقيقة أين يكمن خلاف الناس، فليس من المفيد المعاكسة فيما يرجع لأحكام الأسرة التي هي محل نقاش، لذلك يصعب ويتعذر وضع قائمة الأحكام الدينية  على أنها غير قابلة للنقاش.

ماهي “المقتضيات التي كان لا ينبغي أن تدرج في نصوص مدونة الأسرة”..حسب ماصرحتم به في نفس المداخلة؟

ليس هناك أحكام متفق عليها، كان ينبغي أن لا تدرج،  فالخلاف موجود،  في المدونة الاختلاف يشمل كل الأحكام أو على الأقل جلها، ولا فائدة في محاولة حصرها فيما يتفق عليه وما يختلف عليه من أحكام. 

كيف ترى الاجتهاد في المراجعة الشاملة لأحكام مدونة الأسرة، حتى تساير التحولات والتطورات المرتبطة بالعصر؟ 

الاجتهاد في محل الاختلاف فيما ينبغي، وفي ما نعتبره أنه من الدين وما هو غير ديني،  لكن في الواقع نختلف اختلافا كبيرا في ما ينبغي أن يراجع ولا يراجع.

كيف ترى أحد القضايا الكبرى التي تشكل اختلافا كبيرا، وهي قضية الإرث؟

الإرث طبيعي أن يثير هذا النقاش، فليس هناك حلول ترضي الجميع في المطالبة بالمساواة، فهذا الهدف لايتحقق، لأن المجتمع لايملك إرادة مصادرة المتوفى، والتصرف في أمواله دون مراعاة رغباته، فحين أعطي للمرأة حقها في الميراث، وقد مر على هذا أربعة عشر قرنا، يتحايل كثير من الآباء على حرمانها منه بسبب احتفاظ الولد بنسب أبيه دون البنت، وفي القانون المقارن، حسب ما أعرف، ليست هناك قوانين تحرم المتوفى من التصرف في كل ماله بإرادة أو على الأقل في جزء منه، فالمجتمع لا يملك صلاحية حرمان المتوفى من إرادته في توزيع المال الذي جمعه بكده وعمله. لذلك الموضوع جد دقيق ويصعب اختزاله في مبدأ المساواة، فالمساواة لدينا المرأة نادرا ما يعطى لها حقها. نجد من في بعض القوانين، من يوصي لحيوان وترك أقاربه، علينا أن نرجع إلى صاحب المال لنختبره في تقسيم المال بعده.

هناك من يعتبر أن المادة 400 في مدونة الأسرة، مدونة داخل المدونة، كيف ترى ذلك؟

هذا النقد له نصيب من الصحة، باعتبار أن الخلاف الفقهي متنوع، وقد يمس بحقوق الأفراد، في بعض الأحيان،  فوجود هذه المادة راجع إلى إرادة المشرع، كما لايمكن تحييد الفقه، ففي كل  الأحوال هو فقه إسلامي مرتبط عموما بالنصوص الكتاب والسنة.

كلمة اخيرة: 

الوعي والإحساس بالطمأنينة هو كل شيء، فالقانون قد يساعد في واقع الأمر، لكن الحياة لاينظمها القانون وحده، القانون إطار، فالوعي  هو الذي له الكلمة العليا في  تنظيم حياة الفرد والمجتمع.